حصلت على المرتبة الأولى في امتحان التوظيف بالخليل رغم أنها أم لعدد من ذوي الاحتياجات الخاصة
رائدة عمرو.. تفوق وإبداع من رحم معاناة مستمرة
رغم أنها زوجة وأم لعدد من الأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، غير أن ذلك لم يحل بينها وبين الأعالي فقد استطاعت التفوق بصورة لافتة في الدراسة بل تحقيق نتيجة صادمة في امتحان التوظيف الذي عقدته وزارة التربية والتعليم في الخليل مؤخرا بحصولها على علامة 84% محتلة بذلك المرتبة الأولى على المديريات الثلاثة في محافظة الخليل.
تقول رائدة محمد عمرو التي تبلغ من العمر (38) عاما "الحمد لله الذي وفقني إلى هذا النجاح والتفوق، فقد كانت الفرحة كبيرة لأنها حصيلة جهد وشقاء وسهر الليالي، لقد كنت أتوقع النجاح في هذا الامتحان لأنني كنت مصممة على ذلك لكني لم أكن أعلم إني سأحصل على المرتبة الأولى فيه". ترى عمرو وهي خريجة من جامعة القدس المفتوحة-منطقة دورا التعليمية انه ينبغي على الإنسان عدم التذرع بظروف الحياة وقسوتها لتبرير عدم تحقيقه النجاح قائلة"لا يجوز الاستسلام لعقبات الحياة فالإنسان هو من يصنع الظروف ويسخرها لصالحه".
وتضيف" كل إنسان يمر بظروف مختلفة وعقبات متعددة ولكن يختلف الأفراد في تجاوزها، فمنهم من تحطمه هذه الظروف ويعلق أسباب فشله عليها حتى نهاية عمره ومنهم من يتجاوزها"، مشيرة إلى أن نجاحها وتفوقها لم يتسبب في تقصير تجاه أبنائها وزوجها حيث نظمت وقتها وأعطت كل ذي حق حقه. ونجاح رائدة لا يتوقف عن جمعها بين الدراسة في جامعة القدس المفتوحة وبين واجباتها المنزلية والزوجية بل هي تؤدي واجبات اجتماعية شتى، فقد كانت تقوم بتدريس مادة التجويد في مسجد مدينتها ومدارسها وكانت تقدم المساعدة لطلبة المدارس الضعاف من خلال دورات تقوية، مشيرة إلى أن نجاحها لم يكن لولا توفيق الله ودعم ومساندة زوجها لها.
ولم يكن تفوق رائدة عاديا بالمطلق، لأنها قبل خمس سنوات من الآن كانت حاصلة على شهادة الصف التاسع الأساسي فقط. وتقول" تزوجت عام 1986 حيث كان عمري 15 عاما، وبعد 18 عاما اي في عام 2004 حصلت على شهادة الثانوية العامة بمعدل 72.8% فقد تمكنت من النجاح من أول مرة تقدمت فيها للامتحان ".
وتضيف" لم يعقني عن الدراسة أولادي السبعة (أربع بنات وولدان) منهم ابن لديه إعاقة بنسبة 100% وأيضا ابنة لديها عجز بنسبة 100%، كما لم يتأثر أولادي الآخرون في دراستهم بل على العكس من ذلك ظلوا متفوقين حيث إن ابنتي الكبرى التي تدرس في جامعة بولتكنك فلسطين تخصص رياضيات تطبيقية متفوقة أيضا في دراستها".
وكانت رائدة تخرجت من جامعة القدس المفتوحة وحصلت على درجة البكالوريوس مؤكدة أنها ستسعى إلى إكمال دراستها العليا. تؤكد رائدة أن التفوق كان هدفها الأول لا سيما أنها حرمت من أشياء كثيرة وعاشت أوقاتا صعبة نتيجة ظروفها الاجتماعية. وتقول"عوضني الله عن الأيام الصعبة التي عايشتها وقد يسر لي أموري وحقق جزءا من طموحي ، ولولا مساعدة زوجي ودعاء الوالدين لم اكن لأصل لأي نجاح". وتشير إلى جملة من الصعوبات التي اعترضتها أثناء الدراسة تتمثل في عدم تمكنها من حضور المحاضرات بسبب واجباتها تجاه بيتها وأولادها، إضافة إلى اضطرارها لتسجيل عدد كثير من الساعات الدراسية في الفصل الواحد كي تتمكن من التخرج في اقصر مدة ممكنة، مؤكدة أن المنح التي تعطيها الجامعة للمتفوقين كان لها أثر كبير عليها وعلى أمثالها المتفوقين والمتفوقات في تحقيق طموحهم نتيجة تهيئة الظروف المناسبة لهم.
وتؤكد أن جامعة القدس المفتوحة كان لها الدور الأكبر في نجاحها كونها أتاحت لها لها ولأمثالها الذين لم يلتحقوا بالجامعات النظامية فرصة التعلم وتحقيق أحلامهم. وتقول "إكمال تعليمي كان حلما بعيد المنال لكن جامعة القدس المفتوحة قدمت لي العون في كل ما كنت احتاج إليه لمتابعة دراستي"، متقدمة بالشكر لرئيس الجامعة وكادرها الذين ساعدوها على تجاوز كافة الصعاب.
وعن فلسفة التعليم المفتوح التي تنتهجها الجامعة قالت عمرو "الإنسان يتعلم مدى الحياة لذا يجب توفير أشكال عديدة من وسائل التعليم تناسب العمر والمهنة وموقع العمل والسكن"، مؤكدة أن التعليم المفتوح يلبي حاجة الإنسان إلى التعلم. ونوهت إلى أن منهاج الجامعة متكامل ومنظم ولا يحتاج إلى معلم ويمكن الطالب من الاعتماد على النفس وتقويم الذات. وتؤكد رائدة أن طلبة جامعة القدس المفتوحة أثبتوا أنفسهم مقارنة مع نظرائهم في الجامعات الأخرى، مشيرة إلى حصول خريجي الجامعة على المراتب الأولى في امتحانات التوظيف كما حصل معها.
وتقدمت رائدة بجملة نصائح لاؤلئك الذين يظنون أن قطار التعليم قد فاتهم قائلة "المبادرة هي عنوان النجاح وطريق التقدم ويجب اغتنام الفرص, واستثمار الظروف"، منوهة إلى أن الإنسان لا يمكنه تجنب الفشل تماما لكن عليه أن يستخلص العبر ليحول الفشل إلى نجاح. وتضيف "لا تستسلموا للظروف الوهمية التي تتذرعون بها لعدم تحقيق أحلامكم". وشددت على أن للنجاح ضريبة تتمثل بالجهد والمشقة ومجابهة الصعاب، قائلة "كل لحظة تعب ومعاناة عايشتها تحولت اليوم إلى فرحة وقوة وإصرار و عزيمة".
رائدة أثبتت جدارتها وقوضت الصعاب وصنعت النجاح بعزيمة لا تلين، لكنه طموحها لا يقف عند هذا الحد، فهي تتطلع إلى إكمال دراستها العليا، قائلة "كلما مر الوقت ازداد شغفا وحبا للتعلم والنجاح والتفوق".
اليوم في 12:38 من طرف رضا البطاوى
