قال الدكتور محمد اشتية رئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والاعمار "بكدار" اليوم: إن عملية إعادة الاعمار الناجعة في قطاع غزة تتطلب بأن تكون المؤسسة الفلسطينية على مقعد السائق، وأن تلعب المؤسسات العربية والدولية أدوارا داعمة ومكملة.
ولفت الدكتور اشتية في حديث صحفي، إلى أن إعادة الاعمار أمامها ثلاثة تحديات، أولها رفع الحصار عن غزة، لأنه بدون رفع الحصار عن القطاع لا يمكن إعادة الاعمار، نظرا لعدم توفر الكميات المطلوبة من الاسمنت والمواد الأساسية الأخرى الخاصة بالاعمار في قطاع غزة نتيجة إغلاق المعابر.
وأضاف: الموضوع الثاني يجب أن يكون هناك استكمال للوحدة الوطنية وتجميع المؤسسة الفلسطينية وتوحيدها بما يضمن عنوانا وطنيا واحدا بخصوص الاعمار، بالإضافة إلى وجود أموال سلسلة.
وتابع: لا أقصد هنا أموال من حيث الحجم بل أموال حقيقية سريعة لان عملية إعادة اعمار غزة لها علاقة بعنصر الوقت، وهناك بنية تحتية مدمرة في قطاع غزة منذ عام 2001 حتى اليوم ولم يتم إصلاحها.
وشدد الوزير اشتية على أنه لا يمكن الحديث عن عملية إعادة اعمار فاعلة في قطاع غزة دون أن تكون المؤسسة الفلسطينية في موقع القيادة، لأنه لا جدوى من تأجير إعادة الاعمار لمؤسسات هنا وهناك وكل يريد أن يعمل على طريقته، مضيفا: فالسلطة الوطنية بمؤسساتها هي العنوان الذي يجب أن يتولى عملية إعادة الاعمار.
وأوضح أن أهمية وجود المؤسسة الفلسطينية في مقعد السائق تكمن في أن ذلك يندرج ضمن مساعي إنهاض هذه المؤسسة، لتكون عنوان التنمية تحضيرا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لأن الدولة لا تقوم بالمؤسسات الدولية، بل في المؤسسة الرسمية الوطنية.
وأكد الدكتور اشتية أن الأولية يجب ان تكون في المرحلة الأولى من الاعمار لإيواء المشردين في قطاع غزة من خلال اعمار البيوت المدمرة كليا أو جزئيا، مضيفا: بالنسبة للمصارف والبنوك يمكن ان تكون إحدى قنوات الاعمار وليس كل القنوات، فهي عنوان قطاع خاص وقناة تمويل، والعنوان السلطة، وليس البنوك، ولا نريد أن نضع المصارف في مواجهة مع المواطن، ويجب ان تكون المؤسسة الفلسطينية هي المشرفة على هذا الموضوع.
وقال: كما يجب أن تعطى البنية التحية الأساسية أولوية في عملية الاعمار وبخاصة ما يتعلق بإعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمياه.
وشدد على ضرورة ربط موضوع إعادة الاعمار في قطاع غزة بعملية التطوير المستقبلي لقطاع غزة، بأن يأخذ في الحسبان أهمية استغلال الأراضي التي انسحب منها الاحتلال والمستوطنات المخلاة "المحررات".
وتابع: يهمنا بأن تكون عملية إعادة الاعمار مرتبطة ببرنامج تنموي للنهوض بقطاع غزة، تنمويا وتطويريا واقتصاديا، والدفع باتجاه تعزيز القطاع الخاص، وتشجيع المستثمرين ورؤوس الأموال للاستثمار في قطاع غزة.
وبين أن البرنامج المقدم من الدول المانحة من شقين، الأول متعلق بإعادة إعمار غزة وتطويرها وتنميتها، بالإضافة للشق الكلاسيكي المتعلق بدعم الموازنة.
وأكد على أن عملية إعادة الاعمار تتطلب وجود جهد عربي للمساهمة في عملية إعادة الاعمار، بشكل يحقق الشراكة بين المقاول الفلسطيني والعربي بسبب القدرة غير الكافية للمقاولين في القطاع للقيام بعمل كبير بهذا الحجم.
وقال: يعنينا أيضا من برنامج إعادة اعمار قطاع غزة خلق فرص عمل، لأنه نسبة البطالة في القطاع تصل لـ47%، وليكون البرنامج أداة لتقليل رقعة الفقر، لأن نسبة ما هم تحت مستوى خط الفقر في القطاع تصل لـ85%.
وأوضح الدكتور اشتية أن عملية إعادة اعمار غزة هي عملية متكاملة لا تقتصر فقط على شق الاعمار، بقدر ما هي عملية تنموية يراد من خلالها تعزيز بناء القدرات الفلسطينية، وتعزيز العلاقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبخصوص الخسائر التي تسبب بها العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، رد الدكتور اشتية: تقديرات "بكدار" أن حجم الدمار "الخسائر المباشر" لا يقل عن 1.9 مليار دولار، وهنالك فرق في الأرقام من جهة لأخرى، سببه أن بعض الجهات تحدثت فقط عن الدمار المباشر، والأخرى عن المباشر وغير المباشر، والوثيقة التي قدمت من السلطة الوطنية لمؤتمر المانحين في شرم الشيخ اشتملت الدمار، والعجز في الموازنة لعام 2009م.
وبما يتعلق بالخسائر غير المباشرة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أوضح الدكتور اشتية، ان الخسائر غير المباشرة وفق المعلومات المتوفرة لدى السلطة الوطنية تصل لحوالي مليار دولار.
وقال: رغم التركيز على الخسائر المباشرة لكونها شيء ملموس على الأرض، إلا أن هنالك خسائر غير مباشرة مثل العائلة التي خسرت منزلها، فهي استعاضت عن ذلك باستئجار منزل، وهي ستدفع أجرة شهرية حوالي 500 دولار لمدة تتراوح ما بين 14-20 شهرا، وكذلك الجريح الذي أقصي من سوق العمل، فهذه خسائر غير مباشرة.
وتابع: بالنسبة للمصانع التي دمرها الاحتلال، فالأمر لا يقتصر على عملية إعادة بنائها من جديد، بقدر ما أن الاحتلال تسبب بتعطيل الإنتاجية فيها لفترة طويلة.
وشدد الدكتور اشتية على أن السلطة الوطنية لديها تراكم خبرات من عام 1994م، يمكنها من قيادة عملية الاعمار، مؤكدا على ضرورة ان تكون ملية برنامج الاعمار للسلطة الوطنية، وليس ملكية عربية أو دولية، وأن يكون دور العالم العربي والمجتمع الدولي عنصري مساعدة.
وقال: نحن نرحب بأي جهد عربي ودولي يدعم جهود إعادة الاعمار، ولكن حسب احتياجاتنا، وعملية الاعمار معروفة الملامح، وجزء من المؤسسات التي دمرها الاحتلال تملك السلطة الوطنية الفلسطينية خرائط لها، وهي التي بنتها، ومن هنا نرحب بأي جهد دولي ولكن بما لا "يجرف" قدرة المؤسسة الفلسطينية.
وأشاد اشتية بدور مصر في موضوع إعادة اعمار غزة، مؤكدا ان مؤتمر شرم الشيخ مثل دعما بالغ الأهمية للقضية الفلسطينية، لما سيبنى عليه لصالح السلطة الوطنية والمواطن الذي يعاني الويلات في قطاع غزة بسبب الإجراءات القمعية الإسرائيلية.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/