شن الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة بشكل مفاجئ ومباغت ، وما كان قبل هذه الحرب ، حصار تراجيدي ، تكييف معه مليون ونصف مليون إنسان ، وأخذوا يديرون شئون حياتهم بما هو متوفر وعلى اساسه اطلق الكثيرون أحلامهم المختلفة ، فمنهم من تحول من موظف قطع راتبه بسبب تقرير كيدي وجه من قطاع غزة الى رام الله ، فتحول الى بائع خضار او عامل في ورشة حدادة ، وغيره من وجد معه قليل من المال المدخر وجاءه 'بشير' لتنمية هذا المال في تجارة مستحدثة دخلت القطاع مع قوافل الحصار ، فوافق أن يكون أحد مستثمري هذه المرحلة وأن يجعل من ماله اسهم تمر من تحت الأرض الى جيوب من لايعرفهم لتعود عليه بأرباح مغرية، صورها له 'سمسار' الطوشة بأنها ارباح لا يمكن أن تكون لعاقل فيرفضها ، وكثير من هؤلاء صدقوا سماسرة المرحلة فباعوا البيت والذهب وقطعة الأرض او تخلوا عن مدخراتهم من أجل زيادتها مستقبلا، ولكن حرب اسرائيل على الانفاق ، كشفت عاجلا قصة 'النصب' الكبيرة التي ادارها رجال اعمال ينتمون لما يدّعونه 'العمل الخيري' ومقربون جدا من حركة حماس والبعض راح الى أن وزراء أحياء وأموات الأن كانوا من خلف هذه القضية والمشاهدات التي جمعها (أمد) مأخوذة ممن كانوا ضحايا هذه التجارة:
مريم أم لاربعة أطفال من منطقة الوسطى ، سمعت قبل أشهر بأن الانفاق نشطة وتجارتها رابحة فكل صفقة تدخل عبرها تحقق ارباحا عالية ، فألف دولار تستثمرها قد تنجب لها مع كل صفقة 250 دولارا وقد تنجح أكثر من صفقة في الشهر الواحد ، اقتنعت مريم من زوجها ، صاحب سوبرماركت بسيط في منطقة سكناه ، والذي اقنع زوجته مريم ببيع 'مصاغها' والدخول في التجارة ، وكان ما أراد الرجل وأعطى ما لايقل عن 7000 دولار ، 'للأمين' وهو الوسيط بين التاجر والممول الصغير ، ولأن قابض المال معروف بتدينه وأمانته ولحيته الأنيقة ودخوله وخروجه من بيوت الله ، اطمئن والد الرجل فزاد رأس مال المقدم للسمسار مبلغا 'نط' الى عشرة الألاف دولار، ومع الصفقة الاولى تحقق الوعد واخذوا على كل ألف دولار ربح مقداره 250 دولارا فأمن أهل المال على مالهم و انتظروا الصفقة تلوى الأخرى والتي لم تتكررسوى مرتين فقط وتلعثمت فيما بعد، بحجج كثيرة منها ، التشديد والتخنيق والتاجر بالطرف المصري ، حتى دخلت اسرائيل على الخط وقصفت كل خطوط الانفاق او معظمها ، وما أن راح غبار الدمار قليلا عن قطاع غزة حتى اكتشفت الزوجة وزوجها ووالد زوجها أن أموالهم قد ردمت في جيوب لا يعرفون اصحابها .
تقول 'مريم' (لأمد) :'وعدونا في حكومة حماس باسترجاع أموالنا ومرة قالوا نصف المبلغ ممكن أن يعود ومرة أخرى سيخصمون الارباح ويعيدون اصل المال ولكن حتى هذه اللحظة لم نحصل على أي قرش ونحن ننتظر'.
ورد في مصدر هو الأول الذي كشف بعض خيوط هذه العملية :' أن عملية النصب والاحتيال هذه بدأت بعد انقلاب حماس في غزة حيث قام سعيد صيام بتأسيس شركتي استثمار في مصر وتركيا وذلك بمساعدة الإخوان المسلمين في البلدين المذكورين والهدف من هاتين الشركتين هو توظيف وتبيض الأموال التي تجنيها حماس من تجارة الأموال ومن الأموال التي جمعتها من المواطنين مقابل تشغيلها لهم في تجارة الأنفاق والتي تشمل السجائر والمخدرات والمواد الغذائية والمحروقات والمواشي بحيث أن الموظف يدفع مبالغ من المال ليتم إعادة مردود أرباح هذا المبلغ بضعفه وربما أكثر الأمر الذي دفع المواطنين إلى الإسراع في جمع الأموال وتأمينها لتشغيلها في هذه التجارة المربحة , ولكن بدأت تنكشف أسماء المشاركين في عملية الاحتيال هذه والذين كانوا حلقة الوصل بين المواطنين وقيادات حماس وهم غالبا تجار محسوبين ومعروفين في حماس' المصدر.
يقول الحاج سالم (لأمد) :' اقنعني حفيدي بأن أبيع نصف الدار واعطيه مبلغ عشرين الف دينار أردني ، ووعدني يومها أنه سيردهم أربعين ألفا في غضون ستة أشهر ، حفيدي متدين جدا ولم نعرف عنه غير أنه من المقربين لشيخ جليل ومدير جمعية خيرية في منطقة النصيرات ، والذي حضر معه وأقنعني بالمشروع ، فبعت فعلا نص الدار واعطيتهما المبلغ ، والصعب في الأمر أن حفيدي استشهد في الحرب الأخيرة على قطاع غزة ، وذهبت الى الشيخ ولم أجده في بيته وسألت عنه ولم استدل على عنوانه ولكن اشاعات كثيرة خرجت بخصوصه منهم من يقول أنه جمع مبلغا كبيرا جدا وهرب به الى ايران قبل الحرب ومنهم من يقول أن حركة حماس اعتقلته ، وبخصوص أي جهة حضرت الى الحاج سالم لتفهمه حقيقة الأمر يقول (لأمد) لم يأت أحد اليّ وانا ذهبت الى من اعرف من حركة حماس وقالوا لي بأن هذا الموضوع اصبح قضية يحقق بها الآن وعليك الانتظار.
ويضيف المصدر ذاته :' تقول المصادر أن عدد من التجار وهم أبو أنس حمد من البريج , ومحمد البنا من دير البلح , وفؤاد مسمح من دير البلح , وحسام عمر سكيك من مدينة غزة , وتاجر آخر من عائلة المشهراوي وغيرهم الكثير توجهوا إلى منزل تاجر يدعى إيهاب الكردي من دير البلح مطالبين بأموال المواطنين التي تبخرت فجأة والحديث لا يدور عن مئة ألف دولار ولا عن مليون ولكن الحديث يدور عن 400 مليون دولار حيث لم يتبق منها حسب جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس في غزة إلى خمسة ملايين دولار.
وتشير المصادر إلى أن المدعو إيهاب الكردي هرب إلى قيادة حماس والذين كانوا مشاركين معه في تشغيل هذه الأموال وهم أيمن طه وفتحي حماد حيث تخلوا عنه وأودعوه في سجن للأمن الداخلي وبدأ التحقيق معه ولن ينته , في حين بدأ المواطنين في غزة ينتابهم الخوف والقلق على مستقبل أموالهم في ظل انعدام القانون وانتشار الإتاوات وعمليات القتل وإطلاق النار على الأقدام '.
ولكن الاستاذ فضل يقول (لأمد) عن مصيبته التي لم يكن يتوقعها يوما وهي أن شقيقه قائد كبير في قسام حماس ، أخذه قبل أن يقنعه ببيع أرض كبيرة ورثوها عن والدهم الى قيادي وزير لم يسمه (لأمد) والأخير اقنعه أن هذه التجارة رابحة بنسبة عالية وموضوع الخسارة فيها مستحيل مهما حصل ، والمصيبة تكمن أن 125 ألف دولار هي ثمن الأرض المورثة والتي يشاركه بها اربعة أخوة وستة أخوات ، مع ثمن سيارة 'نص نقل' وصيغة زوجته ، كلها أخذها شقيقه القسامي ، الذي هرب بحجة انه مطلوب لإسرائيل مع اول صاروخ سقط على مبنى الجوازات في مدينة غزة ، وقطع اتصاله بأخيه منذ تلك اللحظة.
ويكشف المصدر أنف الذكر :' عن قصة أخرى تشير إلى هروب إحدى النصابات من حركة حماس في غزة هي وزوجها بعد أن حصلت على مبلغ تسعمائة ألف دينار أردني كانت ثمن عدة دونمات من أرضي عدد من المواطنين مؤكدة أن هذه النصابة هي موظفة في بنك القاهرة عمان فرع دير البلح وتدعى سحر حسني أبو طواحينة'.
وما هو مستغرب فعلا رغم تحول هذا الملف الى قضية نصب من العيار الثقيل والتي تهدد الاقتصاد الوطني في قطاع غزة ، فخروج مبلغ 400 مليون دولار يعني هزة اقتصادية كبيرة في القطاع ، رغم ذلك لم تخرج حكومة حماس بأي تصريح علني ينفي او يؤكد ما جرى ، أو انها فعلا فتحت تحقيقا في الموضوع ، كل ما يحدث أن اللجان الدعوية وبتوجيهات عليا من حركة حماس تذهب سرا الى الضحايا و'تخدرهم' بوعود .. مجرد وعود!!! .
أمس في 12:38 من طرف رضا البطاوى
