تقرير/ جلس كعادته برفقة أبناء عمه في مجلس العائلة، ولكنه هذه المرة ليس إبراهيم الذي عرف بضحكته ومزاحه الذي لا يكاد يتوقف طوال مدة السهرة الشبابية، فقد كان مختلفا هذه المرة...
جلس مسترخيا وشارد الذهن ومحلق وكأنه ليس في المكان ولا في هذا العالم، الجميع لاحظ التغير الطارئ عليه، إلا أنهم ظنوا انه متعب من الدراسة نظرا لتفوقه في دراسته الجامعية ...
طالب كليه الهندسة 'إبراهيم' من مدينة خانيوس جنوب قطاع غزة، صارح ابن عمه 'حسام' القريب منه جدا، انه يتلقي حبوب مخدرة جلبها أصدقاء له من الأنفاق والتي تأتي تهريب مع مجموعة الأدوية المفتقرة في غزة، في بداية الأمر لم يكن يعلم أن تلك الحبوب سيصبح مدمنا عليها، ولا يستطيع التحرك بدونها، فقد تناولها في وقت مزاح مع أصدقائه إلا أن المزاح انقلب إلي موضوع جدي، وأصبح من المدمنين علي تلك الحبوب المخدرة ولا يستطيع العيش بدونها حتى ولو للحظة واحدة...
الطالب الجامعي' ساهر محمد' يقول 'لأمد': أصبح الآلاف من الشبان الفلسطينيين في غزة مدمنين على وصفة لمسكن آلام يستخدم لتخفيف الضغوط النفسية عليهم نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ما يقارب العامين، وإغلاق المعابر ومنعهم من السفر ولّد شعور بالسجن داخل سجن يطلق عليه قطاع غزة ، فمعظم أصدقائي أنا على دراية بأنهم يقومون بشراء حبوب من عقار 'ترامادول'، وهو مسكن آلام من المواد الأفيونية الصناعية شبيه بالمورفين، ولكنه أخف منه، من السوق السوداء.
أما 'خالد' والذي أدمن على تلك الحبوب يقول ' لأمد' وجدت في هذه الحبوب مسكنا من الم في المفاصل كنت أعاني منه، ولكن بعد أن شفيت شعرت إنني بحاجة ماسة إلى تلك الحبوب ،فترددت على الصيدلية بعد ذلك لأحصل على تلك الأقراص من الحبوب ولو لبعض الوقت..
الأرقام الدقيقة لمتناولي تلك الحبوب لم تتضح بعد، ولكن يقدر أن ما يصل إلى 30 في المائة من الذكور بين سن 14 و30 عاما يستخدمونه بانتظام، وأن نحو 15 ألفا يدمنون عليه. ويقول الدكتور محمود الخزندار من مستشفى الشفاء في غزة: 'إنني أراهم يوميا مع أعراض الانسحاب من هذا المخدر'، وأضاف 'العشرات يأتون إلى الطوارئ ويقولون لي إنهم يعانون من التقيؤ والنعاس وعدم القدرة على التركيز'.
من جانبه قال مازن السقا، الخبير الصيدلي في جامعة الأزهر الذي أجرى دراسة حول الوباء،'الترامال' هو عبارة عن حبوب بها نسبة مخدرات توصف للمرضى في الحالات التي لا يستطيع صاحبها تحمل الألم فيها، وتركيبتها مقاربة لتركيبة المخدرات؛ لأنها تجعل من يتناولها في حالة من الهدوء، وتزيل عنه أي آثار للآلام أو الإرهاق النفسي أو العصبي 'التوتر'، وتستمر هذه الحالة لساعات مع من يتعاطاها، مشيرا إلى أن المشكلة تفشت بعد أن حاصرت إسرائيل المنطقة الساحلية الصغيرة في حزيران (يونيو) من العام الماضي.
أما' الصيدلانية مها' تقول ' لأمد' معظم الحالات الطالبة لتلك الحبوب، يقدر ب99% يأخذونه للجنس و 1% يأخذونه كعلاج وخصوصا مرض بهجت أو التهاب المفاصل، لكن في الصيدلية التي اعمل بها يوجد حبوب الترامال و لكن لا أبيعه إلا فيما ندر، لأنه أصبح الولد و الكبير والصغير و كل واحد يأخذه بطريقة مقززة ، و شركاتنا لا يهمها سوى الربح فقط، موضحة أن من يتناول الترامال لمدة طويلة بعيار 150 كل يوم أنا أضمن له التالي إدمان من أصعب أنواع الإدمان و هذا ما قاله أحد الأطباء المعالجين من الإدمان ، كذلك العجز الجنسي الكامل ( لا يوجد انتصاب ) و يضطر إلى اخذ الفياجرا كمساعد له، أيضا هناك احتمال إصابته بفشل كلوي.
ويري ابو محمود أن إدمان تلك الحبوب فعلها كالمخدرات وتستخدم 'هروبا' من الواقع الأليم ولإطالة فترة الجماع، معتبرا أنها تجارة رابحة استغلها بعض أصحاب الصيدليات والمهربين في ظل تأزم الحالة النفسية لدى الشبان،مؤكدا أن جيرانه يتناولون تلك الحبوب
لتصل بهم المرحلة إلي أن يتناول أكثر من حبة في الواحدة وبشكل يومي، ويقولون له إن تلك الحبوب مهداة ' الواحد بيضل ريلاكس ومرتاح ومش معصب ' ، ما يثير غضبك أكثر إنهم خلال جلساتهم الشبابية يتباهون عن بطولاتهم في الترامال وانه كيف يمكن أخذ الحبة وقرشها قرش 'عشان تشتغل معه ع السريع زى ما بيحكوا '..
الشابة' نور' تقول ' لأمد' هذه ظاهرة خطيرة جدا تجتاح قطاع غزة بكامله، حتى إنها أصبحت تجارة رابحة ويكاد لا تخلو صيدلية من هذه الحبوب التي تباع وكأنها حبوب اكمول أو بنادول، والمصيبة العظمي أن متعاطيها لا يعرف انه يصل في النهاية إلى درجة الإدمان، ويعتقد البعض انه يجد فيها راحته من الضغط النفسي الذي يعيشه في قطاع غزة، إنها حبوب ثمنها رخيص والإقبال عليها أصبح كبير جدا، وقد وصفها جميع من إلتقيتهم من أطباء وصيادلة بأنه دواء من المسكنات الجيدة لمن يعاني من الألم الشديد كآلام كسور العظام والمفاصل والغضروف 'الديسك'، لكنهم أجمعوا أيضا أن استعماله يجب أن يكون لفترة قصيرة، وبأن كثرة استعماله قد تؤدي للتعود عليه وإدمان متعاطيه عليه...
يبقى القول أن العقاقير المغيبة للذهن بدأت بالانتشار في قطاع غزة مع تنفيذ حركة حماس لإنقلابها ، وأن لم تثبت الأدلة أن هذه العقاقير هي نفسها 'الترامال' المتداول بكثرة هذه الأيام في قطاع غزة، ولكن الثابت أنه عقار اشتهر باسم 'حبوب السعادة' والأسم الطبي لها ' عقار بروزاك ' تصرفها أجهزة أمن حماس لمنتسبيها قبيل كل إجتياح إسرائيلي او هجوم لها على منزل في قطاع غزة او اختطاف مطلوب لها ، والغريب أن وزارة صحة حماس مع معرفتها لتفشي هذه الظاهرة في القطاع لم تقم بأي خطوة فعلية على أرض الواقع للحد منها او معالجتها ، وكأن سكوتها له هدف هو تغيب خير شرائح المجتمع عن تصرفات حركة حماس وأجهزتها الأمنية بما تحمله هذه التصرفات من مخالفات للحقوق المدنية في المجتمع
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/