ما بعد عكا !!

 ما بعد عكا !!



مرت أحداث عكا ولعل اللافت للنظر أنها جعلت رئيس الحكومة اولمرت يعترف بحضور رئيس الدولة شمعون بيرس خلال هذه الأحداث ولأول مرة بأن العرب قد ظلموا من قبل المؤسسة الإسرائيلية ،

على مدى سنين طويلة ، حيث ظن البعض إيمانا منهم باعتبار أن هذا الاعتراف حقيقيا وسيشكل دافعا يجعل المؤسسة الإسرائيلية بكافة مؤسساتها وهيئاتها تفكر ، ولو من باب الأدب والمجاملة في اتخاذ بعض الخطوات للحد من تفشي ثقافة العداء للمواطنين العرب ، أو الامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها أن ترسخ هذه الثقافة، خاصة في ظل مخاوف هذه المؤسسة من اندلاع مثل هذه الأحداث في باقي المدن المختلطة، الأمر الذي شجع رئيس اللجنة المعينة في مدينة اللد المختلطة على تبني ميثاق للتعايش بين العرب واليهود في المدينة. 
ولكن الواقع ينبئ بغير ذلك حيث لم يمر على أحداث عكا إلا أيام معدودات وإذا بهذه المؤسسة تعلن عن نيتها هدم ثلاثة عشر منزلا تعود لمواطنين عرب من مدينة اللد المختلطة ، ضاربة بهذا الاعتراف وبهذه المخاوف عرض الحائط ، تماما كما ضربت كرامة المواطنين العرب في البلاد بعرض الحائط حين أصدرت المحكمة العليا في خطوة استفزازية تخلو من الحساسية قرارا يسمح لمتطرفين يهود بالتظاهر في أم الفحم المدينة العربية ، بالرغم من خلو هذه المدينة من اليهود وبالرغم من عدم وجود أي حاجة أو ضرورة تقتضي القيام بهذه المظاهرة في الوقت الراهن ولا في وقت غيره من الأوقات ، مما يؤكد حرص هذه المؤسسة على ترسيخ ثقافة العداء للعرب أكثر من حرصها على ترسيخ التعايش الذي تدعي الحرص عليه. 
بالتغاضي عن قانونية خطوة النية في هدم بيوت عربية في اللد أو عدمها فان مجرد إعلان هذه المؤسسة متمثلة في إدارة أراضي إسرائيل وبلدية اللد عن نيتها في هدم هذه البيوت الثلاثة عشرة ، وسماح هذه المؤسسة متمثلة في المحكمة العليا لهؤلاء المتطرفين القيام بهذه المظاهرة في أم الفحم في هذا الظرف بالذات ، خاصة وان المواطنين العرب في عكا لم يلملموا جراحهم بعد ولم يتمكنوا من ترميم ممتلكاتهم التي دمرت على مرأى من شرطة هذه المؤسسة ، وان الجراح المعنوية التي خلفتها تلك الأحداث لدى المواطنين العرب بشكل عام ولدى سكان عكا العرب بشكل خاص لا تزال مفتوحة ، ليدل على عدم حساسية هذه المؤسسة وعلى عدم احترامها لكرامة الإنسان ، لما تنطوي عليه هذه الخطوات من انتهاك لأبسط حقوق الإنسان في المسكن والمأوى ، ولاستفزاز سافر لمشاعر المواطنين العرب بشكل متعمد ومقصود ، ناهيك عما تنطوي عليه هذه الخطوات من تحدٍ لهم لا بل واستخفاف بعقولهم ، لاسيما وان اولمرت الذي يتزعم هذه المؤسسة قد كرر خلال زيارته لشفاعمرو مؤخرا اعترافه بممارسة هذه المؤسسة للتمييز ضد العرب ، وبهذا تكون هذه المؤسسة قد أدخلت إلى صنوف التمييز الذي تمارسه ضد المواطنين العرب صنفا اخر من التمييز الذي يتعدى انتهاك حقوق الإنسان العينية والمعنوية العادية ، إلى إلغاء حرمة إنسانية الإنسان كانسان بشكل متعمد ومقصود ، لان العادة قد جرت على مراعاة شعور وخاطر من تم التعدي عليه وهذا أمر متعارف عليه لدى الأفراد والمجتمعات ، لكن المؤسسة الإسرائيلية قد اختارت عن قصد خرق هذه العادة مما يجعل ما تمارسه الشرطة في الآونة الأخيرة من مضايقات ضد الشباب العرب ، وما يبدر عن بعض الأفراد والجماعات اليهودية في البلاد من تعدٍّ على المواطنين العرب ، مثل قيام شباب يهود متدينين من عكا برجم امرأة عربية حامل بالحجارة، والتعدي على ممتلكات المواطنين العرب في أماكن مختلفة من البلاد لمجرد أنهم عرب، وما تروجه الأحزاب الصهيونية ضد العرب من خلال دعاياتها الانتخابية ومثل الشتائم التي كالها المتطرف ليبرمان للرئيس المصري حسني مبارك أمرا مشروعا ومألوفا لدى هذه المؤسسة ، ناهيك عن أن خرق هذه العادة في الوقت الراهن بالذات يؤكد أن ثقافة العداء للعرب لا تستثني أحدا سواء كان صديقا أو عدوا ، فالرئيس مبارك صديق لإسرائيل على حد تعبير اولمرت وبيرس ، لكن ذلك لم يجعله آمنا من شتائم ليبرمان ، تماما كما أن اعتراف اولمرت لم يؤمن للمواطنين العرب - باعتبارهم أعداء في نظر اليمين المتطرف - الحفاظ حتى على مشاعرهم وكرامتهم من قبل هذه المؤسسة ولو لوقت قصير، وذلك بسبب ازدياد نفوذ اليمين المتطرف الذي سيزداد نفوذه أكثر فأكثر بعد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الوشيكة ، حيث يحتمل أن تقوم على أثرها حكومة يمينية في إسرائيل سيكون أعضاؤها من المحرضين ضد المواطنين العرب ، لذا يجب على المواطنين العرب في البلاد وحتى على الأمة العربية الحذر ، بعد تخلفها عن اتخاذ موقف واضح من أحداث عكا، وما بعد عكا.
(اللد) 

رأي هيئة تحرير موقع بانيت.
كذلك نلفت نظر الاخوة الكتاب إلى انه نظرا لضيق عامل الزمان والوقت ، تعطى الأولوية لمقالات من 500 ـ 700 كلمة ، لذا نرجو التقيد بهذا العدد من الكلمات . 



ملاحظة : هيئة التحرير في موقع بانيت تلفت انتباه كتبة المقالات الكرام ، انه ولاسباب مهنية مفهومة فان موقع بانيت لا يسمح لنفسه ان ينشر لكُتاب ، مقالات تظهر في وسائل اعلام محلية ، قبل او بعد النشر في بانيت . هذا على غرار المتبع في صحفنا المحلية . ويستثنى من ذلك أي اتفاق اخر مع الكاتب سلفا بموافقة التحرير .