عمال المستوطنات الإسرائيلية والإحصائيات الرسمية الفلسطينية

عمال المستوطنات الإسرائيلية والإحصائيات الرسمية الفلسطينية
بقلم/ محمد أبو علان:
نسبة العاملين الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية ارتفعت خلال الربع الرابع من العام 2010 بحوالي 28%، هذا ما أظهرته نتائج مسح القوى العاملة لدورة الربع الرابع من نفس العام والصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، حيث أشارت هذه النتائج لارتفاع عدد العاملين الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية بحوالي (2000) عامل عن الربع الثالث والذي كان حوالي (7000) عامل.
هذا الرقم لا يحتاج لخبير إحصائي ليكتشف عدم دقته، ولا عدم حتى قربه من العدد الحقيقي للعمال الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية، ولا نريد وضع الشكوك بدقة هذا الرقم في سياق تساوق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مع الحكومة الفلسطينية لإعطاء انطباعات غير حقيقية في بعض المجالات عبر نشر إحصائيات غير دقيقة لخدمة توجهات معينة كما حاول البعض الترويج في مواضيع أخرى خلال الأسابيع الماضية، فالجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مؤسسة مشهود لها على كافة المستويات المحلية والعربية والدولية في مهنيتها، ودقة بياناتها الإحصائية في كافة المجالات، مما يعني أن النتائج غير الدقيقة في هذا المجال لا تقع على عاتق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بالدرجة الأولى، ولكن في المقابل هذا لا يعني ضرورة عدم إعادة دراسة منهجية الحصول على هذه البيانات في مسوحات قادمة.
وإن حاولنا البحث في دلائل وأسباب الشكوك الموجودة حول دقة عدد العمال في المستوطنات الإسرائيلية سنجد أن هناك عدة أسباب منها رقمية ومنها فنية، والعامل الأهم قد يكون العامل الفني المرتبط بعينة مسح القوى العاملة، وعدم دقة البيانات التي يدلي بها الأفراد المستهدفين في عينة المسح نفسه.
والمتوقع في هذا السياق أن يكون جزء من العينة المستهدفة بالمسح لم تدلي ببيانات دقيقة للباحث الميداني القادم من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول مكان عملة الحقيقي في ظل وجود نزعة وطنية قوية في الرأي العام الفلسطيني ضد التعاطي مع المستوطنات الإسرائيلية بأي شكل من الأشكال، إلى جانب وجود موقف رسمي فلسطيني ضد العمل في المستوطنات والذي تمثل بسن قانون "حظر ومكافحة منتجات المستوطنات"، مما يخلق نوع من التردد في الإفصاح عن مكان العمل الحقيقي من قبل المستهدفين في عينة مسح القوى العاملة إن كان أيٍ منهم يعمل في المستوطنات مما يعكس نفسه على نتائج مسح القوى العاملة بمعطيات إحصائية غير دقيقة.
كما أن المعطيات الرقمية الصادرة على لسان وزير العمل الفلسطيني ، ووزير الاقتصاد الوطني حول هذا الموضوع في منتصف العام 2010 أشارت لوجود ما بين (21-25) ألف عامل فلسطيني في المستوطنات الإسرائيلية، وما يؤكد صحة الأرقام الحكومية ويضعف صدقية البيانات الإحصائية في هذا المجال هو المعطيات الإحصائية نفسها الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول نسبة البطالة العامة في الأراضي الفلسطينية.
فالبيانات الإحصائية السابقة أشارت باستمرار لارتفاع عدد العاملين في إسرائيل والمستوطنات وفق بيانات مسح القوى العاملة الفلسطينية ، ولو حصل هذا الانخفاض الحاد في عدد العمال في المستوطنات الإسرائيلية لعكس نفسه على نسبة البطالة العامة، ولكانت نسبة البطالة في ارتفاع لا في انخفاض، فقد أشارت بيانات الربع الرابع لانخفاض نسبة البطالة بحوالي 3.4% عن بيانات الربع الثالث حسب المفهوم الموسع للبطالة.
في المقابل اتحاد نقابات العمال في الأراضي الفلسطينية يقدر عدد العاملين الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية ليس بأقل من (35) ألف عامل، وهذا الرقم قد يكون أقرب للدقة إذا علمنا أن عدد العمال في المستوطنات الإسرائيلية من محافظة طوباس لوحدها يتجاوز أل (3000) عامل تقريبا وفق تقديرات اتحاد النقابات العمالية في محافظة طوباس، وهذا الرقم يشكل حوالي 43% من عدد العمال في المستوطنات المعلن عنه من قبل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في بيانات الربع الرابع من العام 2010.، وهذا أمر لا يعقل خاصة أن محافظة طوباس تعتبر محافظة صغيرة قياساً بالمحافظات الأخرى من حيث عدد السكان وبالتالي حجم المشاركة بالقوى العاملة يكون أقل.
والوضع في محافظة أريحا من حيث عدد العمال في المستوطنات الإسرائيلية لا يبتعد كثيراً عن عددهم من محافظة طوباس، فقد أشار رئيس اتحاد النقابات في محافظة أريحا لوجود ما يقارب الثلاثة آلاف عامل من محافظة أريحا يعملون في المستوطنات الإسرائيلية، و 25% من هذا العدد من النساء، و5% من الأطفال، مع الإشارة إلى أن هذا العدد يتفاوت بين مرحلة وأخرى حسب المواسم الزراعية في المستوطنات الإسرائيلية.
وبعيداً عن لغة الأرقام والإحصائيات العددية في هذا المجال على الحكومة الفلسطينية الالتزام بتعهدها وإيجاد حل يحمي كرامة العامل، ويساعده على توفير احتياجاته للقضاء على ظاهرة العمل في المستوطنات كون الأمر له أبعاده الوطنية التي يجب عدم تجاهلها .
moh-abuallan@hotmail.com