يارا ' طفلة غزية من مخيم جباليا المحاصر ، تبلغ من العمر أربع سنوات ويصادف عيد ميلادها الرابع يوم 30/11/2008 ، وهي إحدى الزهرات المتفتحة في روضة الشهيد غسان
كنفاني في المخيم ، تسكن ' يارا' مع والدتها وأشقائها الثلاثة في شقة صغيرة في أبراج الشيخ زايد ، ولإنها تريد أن تفرض نفسها وشخصيتها على إخوتها – كأنثى لا حول لها ولا قوة- إختارت لقب ' يارا الجبارة ' لتخيفهم فيه .
قبل الإنقلاب حركة حماس المسلحة بشهر واحد ، تسلل والد الطفلة ' يارا ' إلى غرفتها وهي نائمة وقبلها مودعا إياها دون أن تشعر به ، لتفيق صباح اليوم التالي على حرارة قبلاته الرطبة مصعوقة بنبأ مغادرته قطاع غزة للسكن والعمل في مدينة رام الله ، لم تصدق الخبر وبدأت تبحث عنه في غرف البيت وخارج البناية وتسأل الأطفال في الشارع إن كانوا قد رأوا والدها ضابط الأمن وهو خارج من بيته !!! وما هي إلا ساعات وإذا بوالدها يهاتف أمها ليطمئنها على وصوله للضفة بسلام ، وأنه سيستقر فيها ويسكن لوحدة إلى حين أن يتمكن من إحضار جميع أفراد العائلة ليعيشوا معه في سكنه الجديد ، ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن والعائلة تنتظر الموافقة الإسرائيلية على الخروج من حاجز إيرز بإتجاه رام الله ، علما أن عشرات العائلات قد إلتم شملها بعد أحداث الإنقلاب الكارثية بسرعة وسهولة دون موانع أو عقبات !!!
' يارا ' طفلة جبارة بكل ما في الكلمة من معنى ، فهي يوميا تفتقد والدها الذي لا يستطيع العودة الى منزله في جباليا وتتسائل بإستمرارعن عدم تمكنها هي وعائلتها من السفر إليه والعيش معه كي يتمكن على الأقل من المشاركة في حفلة عيد ميلادها القريبة ، أما والدها الذي بدا عاجزا مذهولا من لوعة إشتياقه لعائلته ، فهو دائم التفكير بهم والقلق عليهم نتيجة الأحداث اليومية التي تحدث في منطقة سكنهم ، مستذكرا المصائب والمآسي التي حصلت هناك إبتداءا من إغتيال جميع أفراد عائلة الطفلة ' هدى غالية ' على شاطيء جباليا ، ومرورا بحادثة إستشهاد أبناء رفيقه في المهنة والهجرة القصرية المناضل ' محمد أبو شباك ' ، وإنتهاءا بولادة طفله الثالث ' محمد ' الذي لم يراه حتى اللحظة ، بظروف صعبة وغير عادية !!!
' يارا' اليوم تقف حائرة حزينة أمام إحتفالات العالم بيوم الطفل ، لتصرخ في وجه أدعياء الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحبي الطفولة : أين هي عدالتكم ؟!! أين هي إنسانيتكم ؟!! انا لست يتمية ... لي أب له إسم ورقم هوية ولديه وظيفة وعنوان سكن !!! أنا لست شريدة ولست لقيطة أحمل شهادة ميلاد رسمية ولي بيت ووطن !!! خذوني إلى أبي ، وإلا أعيدوا ابي إليّ ، يا من تدعون حرصكم على الطفولة !!! أهذه هي حقوق الطفل التي تتاجرون بها ؟!!!
أنا واحدة من أطفالكم وصاحبة حق في مواثيقككم الإنسانية وإتفاقياتكم الحقوقية أيها الأدعياء !! أين انتم يا أصحاب النفوذ والمسؤوليات !!! أنا طفلتكم البريئة ، أعيش بين نارين ، نار الإنقلاب الذي يداهم أحلامي وأيامي في غزة ونار الحصار والإحتلال الذي يحرمني من لقاء أبي !!! فلماذا لا استطيع إحتضان أبي ؟!! لماذا لا أتمكن من تقبيل أبي ؟!! أنتم تقبلون أطفالكم صباح مساء !!! أريد أبي ... اريد ابي .
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/