انكشف الغطاء يا تركيا..
صور شهدائكم تزين غزة.. وصور الذل تلاحقنا في مطاراتكم
لا أحد في غزة لم يلاحظ صور الرئيس التركي "الشقيق" عبد الله غول، أو رئيس حكومته "الطيب" طيب رجب أردوغان كما يحلو للبعض هنا أن ينادوه. ولا أحد في هذه البقعة المحاصرة ينكر شهداء أسطول الحرية الأتراك الذي قُتلوا أمام العالم أجمع لأنهم جاؤوا لإنصاف شعب غزة المحاصر، ولم يقصر إخوانهم الفلسطينيين في تشييعهم والخروج بتظاهرات احتجاجية على هذه الجريمة البشعة، تلك المشاهد كلها وثّقتها عدسات الكاميرات. لكن ما لم يره أحد هو اضطهاد الأتراك "الأشقاء" لإخوانهم الفلسطينيين حين يضمنون أن لا كاميرات في المكان، ولماذا تسجل كاميرات الصحافة ما يحدث في مطارات تركيا إن لم يكون المسافر شخصية "مهمة"؟!
لأنكم فلسطينيون ممنوع أن تغادروا هذه الحجرة لمدة 12 ساعة، حتى نصلح العطل في الطائرة، الباقين، بإمكانكم أن تتجولوا في تركيا بعد مضي ثماني ساعات حتى يحين موعد الرحلة الجديدة!
فلتسجلوا هذا الكلام الذي حدث بتاريخ الخامس والعشرين 2010 في الوقت الذي ما زالت فيه تتباهى شوارع غزة بالعلم التركي الأحمر. فقد اضطرت طائرة لندنية - كانت تقل قريبتي – كانت في طريقها إلى شيكاغو الأمريكية، لأن تهبط اضطرارياً في مطار تركي بعد خلل في كهرباء الطائرة وتعرض المسافرين لخطر محقق. على متن تلك الطائرة تواجد ثمانية عرب فقط، أربعة منهم فلسطينيون والباقين من جنسيات مختلفة بينهم عراقيون. وبدلاً من مساندة هؤلاء العائدين إلى الحياة من موت كان يتربص بهم طوال ساعات، جاءت الأوامر بحبس الفلسطينيين الأربعة في غرفة طوال اثني عشرة ساعة، كأنهم بهم مرضاً معدياً، أو أنهم إرهابيون، أو ربما لم يرتقوا بعد – بنظر الأتراك – إلى مرتبة "إنسان".
حين بلغني خبر العطل في الطائرة، راودني القلق الشديد إلى أن اطمأننت أن تركيا باتت تحضن هؤلاء المنكوبين، لكن يبدو أن الموت في الجو بكرامة، خير من أن تطأ أقدام هؤلاء الفلسطينيين تركيا.
أدعو لقريبتي "دعوة المظلوم" ألا يكتب لها الذل بسبب جنسيتها التي كانت تتباهى بها رغم حيازتها جنسية أردنية لم تظهرها للأتراك، وأنا أتأمل صورة أختي الصغيرة، التي خرجت تنثر الورود في ميناء غزة، وفاءً لشهداء الحرية!..
ربما الذنب ذنبنا لأننا سمحنا لكل من "هب ودب" أن يصعد شعبيته ويظهر بمظهر البطل على أكتافنا.. فرحنا بقدوم الأتراك يخففون الحصار عنا، ولم يكن بالحسبان – أو ربما كنا نعرف ونتجاهل – أن ما حدث لا يزيد عن كونه حملة انتخابية مستمرة لحكومة العدالة والتنمية حتى تعزز ثقة الناس بها، خاصة الضعفاء منهم.. لا أعرف كيف فتحنا أبواب غزة لمن لم يثأر لـ"شهدائه" بعد، على الأقل بقطع العلاقات الوطيدة مع المحتل الإسرائيلي، فلم يكن من تركيا بعد المذبحة في عرض البحر إلا أن "أجلت" ولم "تُلغِ" المناورات العسكرية المشتركة مع إسرائيل، ولماذا تلغيها وهي التي فتحت قبل سنوات مجالها الجوي لقصف سوريا بسبب موقع نووي ربما يكون وهميا؟!.. انكشف الغطاء يا أردوغان!.. لن نكون مغفلين بعد الآن.
ديمة اللبابيدي
إعلامية إذاعية- غزة
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/